AgOrAzEiN

Thursday, August 11, 2005

For those of you who read Arabic- a wonderful article by George Massouh that was published in AL Nahar On Sunday the 7th of August 2005:


غواية التخلّف والجهل
ما إن خرج من سجنه حتى سارع الكل الى التباري في مَن يغدق عليه أجمل الاوصاف والنعوت، ومَن ينحت أفضل الالقاب وأكثرها تنميقاً. لربما كان سجنه اعتباطياً بلا مبررات حقيقية تضفي عليه الشرعية. ولربما كان مستحقاً السجن كسواه الكثيرين ممن صفّقوا للاحكام التي صدرت بحقه، وهنّأوا اصحاب الشأن في توقيفه والصاق التهم به، وظلوا ينعمون برغد العيش، ومجد السلطة والمال، بدلا من أن يجلسوا معه في زنزانته يتسامرون و"يتنادمون" على ما ارتكبته ايديهم في حق وطنهم وشعبهم.
لا علاقة لنا نحن المواطنين المنغلب أمرهم والمكسورة شوكتهم، في بتّ هذه المسألة، ولا للتاريخ. فما فائدة حكم التاريخ بعد فوات الأوان، وبعد وفاة المستحقين القصاص؟ مَن يقول بحكم التاريخ هو تماماً كمَن يرجىء الحكم الى الابد، أو كمَن يشاء تبرئة المتهم قبل المباشرة في محاكمته.
ما إن خرج من سجنه حتى بدأت الأفواه تمطر المدائح وتردد الزجليات، وامتلأت شوارع المناطق المحسوبة على المطلق سراحه بالراقصين والراقصات، وانعقدت أيدي الدابكين والدابكات. ولا تكتمل الأفراح في ديارنا إلا بأبهى مظاهر التخلف، فتفوّعت البنادق التي علت على سواعد الشبان والشابات رصاصاً ابتهاجياً كان اعتبره، قبل أسبوعين، أهل المحتفين بالسجين الطليق رصاصاً همجياً، لأنه صدر من منطقة ذات لون طائفي مختلف احتفاء بالتجديد لزعيمهم النبيه. معياران لتخلّف واحد يجمع اللبنانيين بكل طوائفهم.
قبل أن يخرج من سجنه، أيام "الاحباط المسيحي" وقبل أن يمتد الإحباط الى الطوائف الأخرى، انتشرت على أقفية بعض السيارات صور تمثل المسيح مكللا بالشوك، مع عبارة "ملك الملوك"، قيل حينها أن كثراً وضعوها بديلاً عن صورة زعيمهم "الحبيس" على مثال النسّاك الكبار. هذا التماهي بين آلام المسيح وآلام اللبنانيين وجد أفضل تعابيره، لدى هؤلاء المحازبين، في آلام أسيرهم الذي بات، في نظرهم، يضاهي المسيح نفسه من حيث قدرته على منحهم النجاة والخلاص.
ما إن شاع خبر خروجه الوشيك من سجنه، حتى سارع باعة الأعلام الحزبية والصور الى مواكبة السوق، وتلبية طلبات الزبائن. فعمّت صور المحتفى به وشعاراته في الأحياء، وبخاصة في تلك الأحياء التي عاشت نضالاته التاريخية ودفاعاته عنها. لكنها ايضاً انتشرت على السيارات التي طفقت تزمّر، ولاسيما حيث ممنوع التزمير. كان اللبنانيون يتندّرون على مَن كانوا يمارسون الوصاية عليهم معتبرين أنهم متخلفون، إذ يضعون صور رئيسهم وابنَيه على سياراتهم. وها بتنا اليوم نعرف الانتماء الطائفي والحزبي لأغلب اللبنانيين بفضل صور الزعماء وأبنائهم الملصوقة على زجاج السيارات. الجهل مغر، أليس كذلك؟
ما إن خرج من سجنه، حتى بدأنا نسمع من الألقاب ما يثير السخرية. فمنهم مَن سمّاه، مع ابتسامة بلهاء وبلا تردد، "مانديلا لبنان". إنه لمن العار أن يُطلق اسم مَن ناضل ضد التمييز العنصري في بلاده جنوب إفريقيا، ومن أجل المساواة التامة بين البيض والسود، على مَن تنتمي حزبيته السياسية الى اليمين القومي الديني المتطرف، ومَن ينظّر عن فضائل الطائفية والتمييز بين مواطنيه على أساس الانتماء الديني.
أتركوا، أيها الأشاوس، مانديلا وتشي غيفارا والجنرال ديغول، والكبار أمثالهم، وشأنهم. ولا تزعجوهم من فضلكم في قضاياكم وألاعيبكم الصغيرة. التواضع باب الفضائل كلّها.
جورج مسّوح

best,

0 Comments:

Post a Comment

<< Home